الصحيفة الإخبارية – Corporate Communications
اقتصادية ثقافية-
التصنيفات
جنون الأسعار يقلص خيارات “المركزي المصري” بشأن الفائدة
مع موجة ارتفاعات الأسعار التي تشهدها مصر، لم يتبق أمام البنك المركزي المصري سوى أيام ليقوم بأول تحريك لأسعار الفائدة بعد تثبيتها لعشرات مرات متتالية، وفق ما ذكره محللون وشركات أبحاث ودراسات مالية. ومن المرجح أن يتجه البنك المركزي المصري لرفع أسعار الفائدة لأول مرة منذ 16 شهراً حينما تجتمع لجنة السياسة النقدية لمراجعتها، الخميس المقبل، وهي خطوة يراها العديد من المحللين الاقتصاديين ضرورية لكبح جماح التضخم الذي دفعته تداعيات الحرب في أوكرانيا إلى أعلى مستوى في ثلاث سنوات تقريبا. وتوقع 6 من المحللين الـ9 الذين شملهم استطلاع حديث لنشرة “إنتربرايز”، أن يرفع البنك المركزي أسعار الفائدة، وتوقع البعض منهم زيادة متواضعة بمقدار 50 نقطة أساس، فيما توقع آخرون تشديداً نقدياً أكثر عنفاً بمقدار 150 نقطة أساس. فيما أبقى البنك المركزي المصري على أسعار الفائدة من دون تغيير لأكثر من عام، مثبتاً سعر العائد على كل من الإيداع والإقراض لليلة واحدة حالياً عند 8.25 في المئة، و9.25 في المئة على الترتيب، منذ أن خفض الفائدة بواقع 50 نقطة أساس في نوفمبر (تشرين الثاني) 2020. ويبلغ سعر العملية الرئيسة وسعر الخصم والائتمان 8.75 في المئة لكل منها.
ضغوط متنوعة خارج السيطرة
كشف الاستطلاع، أن الضغوط التضخمية المتصاعدة قد تدفع البنك المركزي للإسراع بعكس سياسته النقدية. فقد ارتفع معدل التضخم إلى أعلى مستوياته في 31 شهراً خلال فبراير (شباط) الماضي، مدفوعاً بتسارع أسعار المواد الغذائية المحلية التي وصلت إلى مستويات لم تشهدها منذ 2018. وسجل معدل التضخم السنوي في المدن المصرية مستوى 8.8 في المئة خلال الشهر الماضي، مقارنة بنحو 7.3 في المئة خلال يناير (كانون الثاني) الماضي، وهو أعلى مستوى له منذ يوليو (تموز) 2019. فيما تسارع معدل التضخم الأساسي بأسرع وتيرة له منذ مايو (أيار) 2019. ويستهدف البنك المركزي معدل تضخم يبلغ 7 في المئة (±2 في المئة).
ترى منى بدير، محللة أولى الاقتصاد الكلي في “برايم” القابضة، أن “تسارع التوترات الجيوسياسية في أوروبا الشرقية مع رد الفعل الفوضوي لأسعار السلع، يعوق تحقيق مستهدف المركزي للتضخم، والذي يواجه ضغوطاً متنوعة معظمها خارج عن سيطرته ولذلك ربما يتجه لتشديد سياسته في وقت أقرب مما توقعنا… نرفع توقعاتنا للتضخم إلى 9 في المئة خلال 2022، من 8.3 في المئة في الوقت الحالي، وبالتالي نرجح أن يرفع المركزي الفائدة بواقع 200 إلى 300 نقطة أساس على الأقل في 2022… نرجح أن يكون أولها في اجتماع مارس بواقع 50 نقطة”.
وأشارت إسراء أحمد المحللة الاقتصادية لدى بنك الاستثمار “الأهلي فاروس”، إلى أن البنك المركزي المصري قد يفضل رفع أسعار الفائدة في اجتماعه المقبل بما يصل إلى 150 نقطة أساس كخطوة استباقية للحد من الضغوط التضخمية وتشديد السياسات النقدية عالمياً”.
وقال كل من محمد أبو باشا من المجموعة المالية “هيرميس”، وهشام الشبيني، مدير إدارة البحوث في شركة “مباشر” لتداول الأوراق المالية نفس الشيء، وتوقعا رفعاً بمقدار 100 نقطة أساس وما بين 50 و100 نقطة أساس على التوالي.
سعر الفائدة الحقيقي يتحول إلى سالب
كشف الاستطلاع، أن سعر الفائدة الحقيقي في مصر الآن سلبي. وكانت مصر لديها حتى وقت قريب أحد أعلى أسعار الفائدة المعدلة حسب التضخم في العالم، وهي ميزة ساعدتها على جذب تدفقات بمليارات الدولارات من المحافظ الاستثمارية إلى سوق السندات المحلية. إلا أنه وبسبب التضخم المتزايد، انخفض سعر الفائدة الحقيقي في مصر إلى -0.55 في المئة.
“مهما يحدث خلال هذا الأسبوع، ستنهي أسعار الفائدة العام الحالي بارتفاع”، هذا ما أكدته عالية ممدوح، كبيرة الاقتصاديين لدى بنك الاستثمار “بلتون”، متوقعة أن يبقي البنك المركزي على أسعار الفائدة من دون تغيير خلال اجتماع هذا الأسبوع، لكنها تتوقع ارتفاعاً بمقدار 100 نقطة أساس قبل نهاية العام.
ومن ناحية أخرى، يتوقع جيمس سوانستون، الخبير الاقتصادي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لدى “كابيتال إيكونوميكس”، ارتفاعاً بمقدار 50 نقطة أساس، الخميس المقبل، وارتفاعات أخرى بمقدار 200 نقطة أساس بنهاية عام 2023.
في الوقت نفسه، يتوقع البعض عدم اتخاذ إجراء من قبل البنك المركزي. وقد يكون الاتجاه لتشديد السياسة النقدية غير مبرر في الوقت الحالي”، بحسب ما ذكره المحلل المصرفي محمد عبد العال الذي استبعد رفع سعر الفائدة هذا الشهر، وقال إن صانعي السياسة لن يتخذوا مثل هذه الخطوة مع استمرار التضخم ضمن النطاق المستهدف للبنك المركزي.
كما توقع المحلل المصرفي هاني أبو الفتوح، أن تظل أسعار الفائدة من دون تغيير. وقال، إنه من المحتمل أن يبقي البنك المركزي على موقفه الحالي في ظل حالة عدم اليقين فيما يخص الأزمة الأوكرانية والأسواق العالمية. كما قلل من تأثير ارتفاع أسعار الفائدة الأميركية على تجارة الفائدة في السوق المحلية، وقال إن الزيادة الضئيلة لا ينبغي أن تزيد من وتيرة الخروج من الديون المقومة بالجنيه.
أيضاً، من المتوقع أن يتواصل ارتفاع التضخم في الأشهر المقبلة مع استمرار الحرب في ظل تعطيل إمدادات الغذاء العالمية واستمرار ارتفاع أسعار النفط.
عالمياً فإن الأوضاع المالية العالمية تواصل التشديد، فقد انضم الاحتياطي الفيدرالي إلى عشرات البنوك المركزية الأخرى في رفع أسعار الفائدة، الأسبوع الماضي، ليبدأ دورته التشديدية برفع أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس، وأشار إلى أن ارتفاعات مماثلة ستحدث في كل من اجتماعاته الستة المتبقية هذا العام. كما رفع بنك إنجلترا سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس، الأسبوع الماضي.
زيادة الأسعار العالميه للقمح والنفط
في مذكرة بحثية حديثة، توقعت إدارة البحوث بشركة أتش سي” للأوراق المالية والاستثمار، أن يرفع البنك المركزي المصري أسعار الفائدة بمقدار 0.5 – 0.75 نقطة أساس في اجتماعه المقبل المقرر عقده، الخميس 24 مارس (آذار) الحالي. وقالت مونيت دوس، محلل أول الاقتصاد الكلي وقطاع الخدمات المالية بالشركة، “قمنا برفع تقديرات التضخم لعام 2022 إلى 11.5 في المئة من 7.2 في المئة سابقاً بسبب زيادة الأسعار العالميه للقمح والنفط، وتوقعنا لاستيراد أقل للسلع الاستهلاكية، مما قد يؤدي إلى بعض النقص في المعروض”.
وقالت، إن “حساباتنا تستند إلى تقديرات بلومبيرغ لسعر القمح في 2022 البالغ 1086 دولاراً لكل مكيال من القمح (بوشل)، أي أعلى بنسبة 53 في المئة من متوسط سعر 2021 البالغ 712 دولاراً للبوشل، وتقدير وكالة بلومبيرغ لسعر خام برنت في 2022 عند 91.7 دولاراً للبرميل، أي بنسبة 55 في المئة أعلى من متوسطها لعام 2021 البالغ 59 دولاراً للبرميل”. كما توقعت أن تؤدي اللوائح الجديدة التي تتطلب خطابات الاعتماد لمعظم السلع المستوردة إلى تقليل استيراد السلع الاستهلاكية، مما قد يؤدي إلى بعض النقص في المعروض وفرض بعض الضغوط التضخمية.