الصحيفة الإخبارية – Corporate Communications
اقتصادية ثقافية-
التصنيفات
الأوروبيون يسعون إلى تجنب منطق الحرب التجارية مع أمريكا .. وماكرون يبحث عن استثناءات
في وقت يزور فيه الرئيس الفرنسي واشنطن، محاولا الحصول على استثناءات لبعض الصناعات الأوروبية، تتزايد المقترحات الأوروبية بضرورة إيجاد الحل التفاوضي مع الولايات المتحدة التي تبنت قانونا يعد حمائيا، كما أكد مصدر دبلوماسي أوروبي أمس.
ودعت ألمانيا شركاءها الأوروبيين إلى عدم الدخول في منطق الحرب التجارية، بمعنى آخر يبدو أن برلين تعارض في الوقت الحالي إقرار خطة أوروبية موازية للخطة الأمريكية لدعم صناعييها، التي أيدتها فرنسا، وفقا لـ”الفرنسية”.
وكان الكونجرس الأمريكي قد أقر خلال الصيف خطة ضخمة لدعم عملية الانتقال في مجال الطاقة أو قانون خفض التضخم IRA الذي يمنح إعانات للسيارات الكهربائية والبطاريات أو الطاقة المتجددة، شرط أن تكون مصنوعة في الولايات المتحدة.
وأضاف المصدر الدبلوماسي لصحافيين أمس، “أولا علينا درس إمكانية التوصل إلى حل تفاوضي مع الولايات المتحدة”، وتابع “هذا يستلزم اتخاذ موقف أوروبي لمواجهة قانون خفض التضخم في أقرب فرصة أي في الأسابيع المقبلة”.
وأوضح “ليس لدينا مصلحة من الدخول في حرب تجارية مع الولايات المتحدة، لأنه سيترتب على ذلك عواقب سلبية للغاية على الاتحاد الأوروبي كما الولايات المتحدة، خصوصا في أوقات الأزمة الحالية”.
وتأتي هذه التصريحات وسط مساع فرنسية للحصول على استثناءات على بعض المنتجات الأوروبية، لكن البيت الأبيض المتمسك للغاية بهذا المشروع المحوري من ولاية بايدن، لا ينوي الإعلان عن استثناءات حاليا، ويؤكد أنه سيعود بالفائدة أيضا على الاقتصاد الأوروبي في نهاية المطاف.
وبالتالي يركز قصر الإليزيه أكثر على الشق الآخر في مواجهته القانون الأمريكي: الترويج لدى الأوروبيين الآخرين لتبني سلاح تجاري مماثل هو “قانون شراء السلع الأوروبية” الذي سيعطي أيضا الأولوية للمنتجات المصنوعة في أوروبا.
وهو خيار لا يبدو أنه يحظى حاليا بتأييد ألمانيا الحريصة على الحفاظ على مصالحها في الولايات المتحدة خصوصا في قطاع إنتاج السيارات.
في 2018 أطلق الجمهوري دونالد ترمب سلف جو بايدن حربا تجارية شرسة مع شركاء واشنطن التجاريين وبينهم الاتحاد الأوروبي انعكست سلبا على الدول الأعضاء فيه.
وكانت برلين تخوفت حينها من فرض رسوم جمركية عقابية بنسبة 20 في المائة على السيارات الألمانية.
وبدأ إيمانويل ماكرون أمس، زيارة تستمر ثلاثة أيام في الولايات المتحدة يتوقع أن تكرس بشكل لافت المصالحة الفرنسية – الأمريكية بعد أزمة دبلوماسية خطرة بين الحليفين المقربين رغم بعض التجاذبات بشأن الحمائية التجارية الأمريكية.
وصل الرئيس الفرنسي وزوجته بريجيت مساء الثلاثاء إلى واشنطن، وهما مدعوان من جانب الرئيس الأمريكي جو بايدن وزوجته جيل إلى عشاء خاص في أحد مطاعم العاصمة الفيدرالية، قبل الاستقبال الرسمي في البيت الأبيض اليوم.
وكتب ماكرون في تغريدة بالإنجليزية “الولايات المتحدة الأمريكية! محطة للاحتفاء بالصداقة بين دولتينا. محطة للتقدم معا في مرحلة تشهد تحديات”.
وعلى غرار سلفه الجمهوري دونالد ترمب في 2018، اختار الرئيس الديمقراطي الحالي نظيره الفرنسي ليخصه بأول زيارة دولة في عهده.
وقال جون كيربي الناطق باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض “إننا نكرم بذلك أقدم حليف لنا”.
وأضاف “تشكل فرنسا أحد الخيوط التي نسجت بها أمتنا”، مادحا “الحس القيادي” لإيمانويل ماكرون وخبرته وحكمته، خصوصا أن الرئيس الفرنسي يتولى منصبه منذ فترة أطول بكثير من المستشار الألماني أو رئيس الوزراء البريطاني، اللذين توليا منصبيهما قبل فترة قصيرة.
وتركزت المباحثات على مجالات التعاون المستقبلية هذه، إذ يتناول ماكرون مسألة التعاون الفضائي مع كامالا هاريس نائبة الرئيس بحضور توما بيسكيه وصوفي أدينو رائدي الفضاء الفرنسيين، والتنوع البيولوجي والمناخ مع برلمانيين أمريكيين، والنووي المدني مع أطراف ناشطة في هذا القطاع.
وتفصيلا حاولت فرنسا قبل الزيارة، ممارسة الضغوط بشأن خطة الدعم الضخمة لانتقال الطاقة التي دفع بها جو بايدن المعروفة باسم “إنفلايشن ريداكشن آكت” IRA، “قانون خفض التضخم” التي تخصص دعما سخيا للسيارات الكهربائية والبطاريات والطاقة المتجددة شرط أن تكون مصنوعة في الولايات المتحدة.
ورأت باريس أن هذا التشريع حمائي، وتأمل في الحصول على استثناءات لبعض الصناعات الأوروبية.
إلا أن البيت الأبيض المتمسك جدا بهذه الخطة الرئيسة في عهد بايدن لا ينوي إعلان استثناءات على الفور ولا إدخال تعديلات على التشريع، مؤكدا أن الاتحاد الأوروبي سيستفيد منه أيضا على المدى الطويل.
لذا تشدد الرئاسة الفرنسية أكثر على جانب آخر لمواجهة هذا التشريع من خلال الترويج لدى دول اوروبية أخرى لاعتماد سلاح تجاري مماثل بعنوان “باي يوروبيين آكت” يعطي الأولوية لمنتجات مصنوعة في أوروبا.
وناقش وزراء تجارة الاتحاد الأوروبي في بروكسل أخيرا، الآثار المحتملة على صناعة التكتل من حزمة دعم أمريكية لبطاريات السيارات تشمل إعفاءات ضريبية.
وحذر جوزيف سيكيلا، وزير التجارة التشيكي من أن الصين قد تكون الفائز في سباق دعم محتمل بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
وقال سيكيلا “إن مثل هذه المنافسة ستكون لعبة خطيرة للغاية”، مضيفا في إشارة إلى الصين أن “الفائز في السباق قد يكون في قارة أخرى، ليس في أوروبا وليس في القارة الأمريكية”.
وتضمن مشروع القانون البارز الأخير لواشنطن الذي تبلغ قيمته 700 مليار دولار، المسمى قانون خفض التضخم، بندا يضمن إعفاءات ضريبية للأمريكيين الذين يشترون السيارات الكهربائية ببطاريات مصنعة محليا، وفي بعض الدول التي لديها اتفاقيات تجارة حرة مع أمريكا.
ويخشى الاتحاد الأوروبي – الذي يضم كثيرا من شركات السيارات الكبرى – من احتمال أن يتسبب ذلك في أن تتكبد شركاته خسائر.
وقال برونو لومير، وزير الاقتصاد الفرنسي في وقت سابق “إن قدرة أوروبا على البقاء في السباق التكنولوجي والصناعي للقرن الـ21 بين الصين والولايات المتحدة باتت في خطر”.
وفي حين انتقدت فرنسا بشدة سياسة الدعم الأمريكية، كان أوليفييه بشت وزير التجارة الفرنسي حريصا على التمييز بين واشنطن وبكين قبل الاجتماع.