الصحيفة الإخبارية – Corporate Communications
اقتصادية ثقافية-
التصنيفات
العلمُ نورٌ ونورُ البلاد أنا
تقوم البلاد بالعلم وبجهود أفرادها واجتهادهم في تطويرها وجعلها مزدهرة، فالفرد المتعلم يستطيع أن ينقل معرفته إلى آخرين، كما يستطيع أن يعمل وينتج لأجل الوطن، من هنا اهتمّت الدول بالعلم من خلال إيلاء وزارة التربية والتعليم و التعليم العالي عناية خاصة، بالإضافة إلى تخصيص الأموال من أجل البحث العلمي، وإقامة برامج التبادل الطلابي، والمنح الدراسية، كما تهتم بالمتفوقين والعلماء.
العرض: كل الطرق تؤدّي إلى المعرفة
لا شكّ أنّ العلم قوة الإنسان منذ الأزل في مواجهة عقبات الحياة، فكان عونه على البقاء، ورفيقه في مواجهة مخاطر الطبيعة، إلا أنّ الأمر تعدّى ذلك ليُصبح وسيلة لتحقيق حياة نوعية للإنسان، فاخترع الإنسان ما يوفر عليه الوقت والجهد، وبالتالي أصبح عصرنا الحالي عصرًا يعتمد على سباق التطور التكنولوجي والعلمي. فتطورت مختلف أنواع الصناعات بإدخال التكنولوجيا إليها، وتمت حوسبة الكثير منها، من ذلك الأجهزة الطبية والمخبرية، والآلات والمعدّات الحربية كما إنّ أثر العلم والتقدم التكنولوجي يمتدّ ليصل إلى أدقّ تفاصيل حياة الإنسان، ومن هنا يأتي الشعور بأهمية التسلح بالعلم -لا سيما في الدول الأقلّ تقدّمًا- وذلك لإنقاذ اقتصادها.
وكي لا تقع تلك البلدان على مستوى الدولة والأفراد ضحيّة للاستهلاك فتبقى في دائرة المتأثر لا المؤثّر على مستوى العالم، فتصبح ميزانيّتها تعامي من العجز دائمًا فتعتمد على المنح الخارجية والمساعدات والديون، الأمر الذي يعرض سيادتها للخطر. ومن هنا ندرك أهميّة العلم، وأهميّة نشره، فاحتكار العلم خلق سيء، وسلوك أناني، وقد اهتمّ الإسلام بنشر العلم وشجّع عليه، ويقول الشاعر أحمد شوقي في ذلك:
يا ناشِرَ العِلمِ بِهَذي البِلاد
وُفِّقتَ نَشرُ العِلمِ مِثلُ الجِهاد
بانِيَ صَرحِ المَجدِ أَنتَ الَّذي
تَبني بُيوتَ العِلمِ في كُلِّ ناد
بِالعِلمِ سادَ الناسُ في عَصرِهِم
واِختَرَقوا السَبعَ الطِباقَ الشِداد
أَيَطلُبُ المَجدَ وَيَبغي العُلا
قَومٌ لِسوقِ العِلمِ فيهِم كَساد
والجدير بالذكر أن نشر العلم لا يقتصر على المعلمين في المدارس أو الأكاديميّين في الجامعات، إذ يُمكن لصاحب العلم والخبرة في مجال معيّن أن ينشر العلم ضمن محيطه، كأن يساعد الطالب طالبًا آخر، أو أن يساعد الموظف زميله ويشاركه خبرته، كما يمكن لأصحاب الخبرات إنشاء قنوات على مواقع مختلفة مثل (يوتيوب) لنشر فيديوهات تعليمية.
وقد انتشر هذا الأمر كثيرًا لا سيّما في ظلّ جائحة كورونا التي بدأت عام 2019م، فتحول التعليم من التعليم الوجاهي إلى التعليم عن بعد، وانتشرت الجمعيات والمبادرات التي تُعنى بالتعليم، والكثير منها غير ربحية تقدم خبراتها للمجتمع مجانًا، مثل مؤسسات محو الأمية، ومؤسسات تعليم الأيتام، أو تعليم الأطفال المتسربين من المدارس.
أو عن طريق إنشاء المدارس المجانية ونشر المبادرات في المناطق الأقل حظًّا والمناطق النائية وتجهيزها لتصبح صالحة لمواكبة تطورات العصر، فتنشأ المختبرات والمكتبات وتزود تلك المدارس بحواسيب ومعدّات ضروريّة للطّلاب، وبما أنّ التعليم حقّ للجميع، فللأشخاص من ذوي الإعاقة الحق في الحصول على تعليم مناسب، وتهيئة البيئة التعليمية لاستقبالهم.
وذلك يشمل التهيئة المكانية والتهيئة بتوفير معلمين مدرّبين للتعامل معهم وتدريسهم كل حسب حالته، فهناك طلاب من ذوي الإعاقة الحركية أو البصرية أو السمعية، إضافة إلى الطلاب الذين يعانون من التوحد أو طيف التوحد، والطلاب الذين يحتاجون إلى التعليم بطريقة مختلفة ممن يعانون من فرط الحركة أو التشتّـت، أو أولئك الذين يعانون من صدمات أو أزمات نفسيّة.
بالطبع صار العلم ضرورة للفرد كي تزداد فرصته في التوظيف والحصول على العمل، لا سيما أن بيئة العمل أصبحت تنافسية، إضافة إلى قلة فرص العمل أساسًا، ولا شك أن العلم والاجتهاد يُساعد الفرد على كسب عيشه
و ينأى به عن الحاجة إلى مساعدة الآخرين ويحميه من الفقر، كما يرتفع مستوى معيشته ومستواه الاجتماعي، ويكون عضوًا فعّالًا في المجتمع، وقد صدق الشاعر أحمد شوقي حين قال:
العلم يبني بيوتًا لا عماد لها
والجهل يهدم بيت العزّ والكرم
كما تطورت وسائل التعليم في العصر الحالي، فأصبحت تستخدم الوسائل التكنولوجية الحديثة بشكل كبير، وصار المعلم يستخدمه في عرض مادته التعليمية، وأيضًا يستخدم الطلاب الإنترنت في تحضير الدروس وعمل الأبحاث، كما يستخدمون البرامج المختلفة لإنجاز مشاريعهم، فلم تعد المكتبات المصدر الوحيد للمعرفة بما فيها من كتب.
فقد صارت المكتبات الإلكترونية وقواعد البيانات الموجودة على الإنترنت أساسية لكل طالب يريد إنجاز بحث ما أو رسالة أو أطروحة علمية، وبناء على ما سبق لم يعد التعليم معتمدًا بشكل رئيس على جهد المعلم، إذ صار الطالب مشاركًا فاعلًا في العملية التعليمية، وابتعد التعليم عن النمط التقليدي التلقيني، في محاولة لتعزيز مهارات التفكير الناقد، وتنمية الجوانب الإبداعية عند الطلاب.
وفي الوقت الحالي استحدثت تخصصات علمية جديدة بناء على حاجة السوق ومقدار التقدم العلمي، فانتشرت التخصصات المتعلقة بالذكاء الاصطناعي والتقنيات والتكنولوجيا والبرمجة ونظم المعلومات، إضافة إلى التخصصات التي تعنى بالبيئة والفضاء والأسلحة والطاقة، وذلك متوافق مع حاجات العصر ومشاكله.
فمثلًا يعاني العالم من المشاكل البيئية التي أصبحت ملحة فهي تشكل خطرًا على صحة الإنسان، وعليه استحدثت تخصصات تُعنى بالبيئة وتهتم بإيجاد حلول لمشاكلها.
الخاتمة: بالعلم نرقى وبه نصير أرقى
لا يقتصر أثر العلم على الرقيّ من ناحية المستوى المعيشي أو المادّي، فالأثر الحقيقي للعلم يظهر على أخلاق المجتمعات، فالحضارة لا تبنى فقط بالتقدّم والتطوّر العلمي دون أخلاق، لأنّ أساس العلم الأخلاق التي تمثّل جوهره وقيمته، فالعلم يهذّب النّفس البشريّة ويعوّدها الصّبر والتّواضع، فالعالم من علم مدى جهله بالكثير رغم ما يمتلك من المعرفة.
أمّا الجاهل فيرى نفسه عالمًا رغم جهله وقصور معرفته وفقرها، ويقول المتنبي في هذا السياق:
ذو العَقلِ يَشقى في النَعيمِ بِعَقلِهِ
وَأَخو الجَهالَةِ في الشَقاوَةِ يَنعَمُ
المصدر: اقتباس
ادريس البرغثي
مكتب التواصل