الصحيفة الإخبارية – Corporate Communications

اقتصادية ثقافية

هل هذا هو الوقت المناسب لإنفاق الكثير على الشيء التكنولوجي الكبير التالي؟
مع إعلان أكبر شركات التكنولوجيا الأمريكية أرباحها الأسبوع الماضي، كان التأثير الحاد غير المتوقع الناتج عن تباطؤ الاقتصاد العالمي هو الأهم في أذهان المستثمرين. تباطأ نمو الإعلان الرقمي والتجارة الإلكترونية والحوسبة السحابية – وهي ثلاثة من المحركات الرئيسة وراء النمو الطويل للاقتصاد الرقمي – أكثر من المتوقع مع تدهور الظروف الاقتصادية.
التراجع في القيمة الجماعية لشركات التكنولوجيا الكبرى في سوق الأسهم الأسبوع الماضي كان أيضا رد فعل على إنفاق الشركات بإسراف. كانت النتيجة ضربة غير سارة لهوامش الربح لبعض المجموعات الأكثر ربحية على هذا الكوكب. انهار الهامش التشغيلي لفيسبوك من 36 في المائة إلى 20 في المائة، بينما انخفض هامش شركة ألفابت سبع نقاط مئوية، إلى 25 في المائة. فقط التغيير في محاسبة الاستهلاك مكن شركة مايكروسوفت من تجنب السقوط بما يقرب من خمس نقاط.
إلى جانب ارتفاع تكاليف التشغيل بعناد، تضخم الإنفاق الرأسمالي في بعض الشركات. في ميتا، ارتفع الإنفاق الرأسمالي 68 في المائة في الأشهر التسعة الأولى من هذا العام إلى 22.8 مليار دولار، بينما ارتفع في ألفابت 31 في المائة إلى 23.9 مليار دولار.
من المغري إلقاء اللوم في كل هذا على نقص بسيط في الانضباط المالي. بدا المسؤولون التنفيذيون في جوجل اعتذاريين تقريبا بشأن 12765 عاملا جديدا أضافتهم الشركة في الربع الأخير وحده، ملقين باللوم جزئيا في هذا الرقم على عملية استحواذ، ووعدوا بأقل من نصف عدد التعيينات الجديدة في الربع الحالي.
مع ذلك، كان كثير من الإنفاق هادفا بشكل كامل. فقد عكس اعتقادا بأن صناعة التكنولوجيا تقف على أعتاب حقبة جديدة من النمو. إذا تم تصديق شركات مثل ألفابت وميتا ومايكروسوفت، فإن استعدادها للإنفاق بكثافة الآن، حتى في مواجهة اقتصاد منزلق، سيحدد مقدار مشاركتها في دورة نمو التكنولوجيا المقبلة.
لقد تم الكشف عن تحولين في منصات التكنولوجيا بشكل بارز في هذه المناقشة، الأول هو الوصول الموعود لميتافيرس، الاسم الذي يطلق على نسخة أكثر شمولا من الإنترنت اليوم. فشركة ميتا، التي خسرت بالفعل 9.4 مليار دولار في عملياتها في ميتافيرس في الأشهر التسعة الأولى من هذا العام، ليس لديها نية لرفع قدمها عن دواسة الوقود، بدلا من ذلك، قالت “إن الخسائر ستزيد بشكل كبير في 2023”. كان رد الفعل العكسي لوول ستريت على هذا وخطط الإنفاق الأخرى هو خفض سعر سهم ميتا بمقدار الربع تقريبا في غضون يوم واحد.
تتمثل إحدى طرق النظر إلى هذا في عدم التوافق بين دورات الاستثمار الكبيرة في صناعة التكنولوجيا وتعطش وول ستريت إلى تحقيق نتائج في المدى القريب. إذا كان مارك زوكربيرج محقا في القول “إن ميتا لديها فرصة لتصبح مركزية في عصر حوسبة الميتافيرس كما كانت مايكروسوفت في حقبة الكمبيوتر الشخصي”، فإن إهدار عشرة مليارات دولار يبدو أمرا غير منطقي.
لكن عدم قدرة الرئيس التنفيذي لشركة ميتا على طرح حجة واضحة ومقنعة لكيفية و زمن رغبة أعداد كبيرة من الناس في الدخول إلى الميتافيرس، جعلت من الصعب حتى على المؤمنين بناء حجة استثمارية. محاولاته، بدلا من ذلك، تركيز الانتباه على قيادة ميتا في الواقع الافتراضي وتكنولوجيات الميتافيرس الأخرى لم تلق آذانا صاغية.
لم يكن ابتكار التكنولوجيات الرئيسة مقدمة ضرورية للنجاح في تحولات النظام الأساسي لصناعة الحوسبة في الماضي. يعود الفضل في هيمنة مايكروسوفت في حقبة الكمبيوتر الشخصي، وكذلك ريادة أبل في الهواتف الذكية، إلى نجاح إعادة تجميع التكنولوجيات التي تم اختراعها في أماكن أخرى أكثر من إجراء عمليات البحث والتطوير المتقدمة.
التحول الثاني في النظام الأساسي الذي أكدته أرباح التكنولوجيا الأسبوع الماضي مختلف تماما. يتضمن ذلك البنية التحتية التكنولوجية الجديدة التي يتم وضعها لدعم الذكاء الاصطناعي: الأجهزة والبرمجيات اللازمة لجمع كميات كبيرة من البيانات، وتدريب نماذج التعلم العميق، وزرع الذكاء الاصطناعي في جميع الخدمات الرقمية الأكثر استخداما.
لقد أصبحت التكاليف الضخمة لسباق الذكاء الاصطناعي هذا أكثر وضوحا. فبعد تصعيد هذا العام، أشارت ميتا إلى أن إنفاقها الرأسمالي في 2023 قد يقفز 20 في المائة أخرى، مع ربط جميع التكاليف الإضافية بالذكاء الاصطناعي.
أحد المخاوف التي أثارها ذلك في وول ستريت هو أن النموذج الاقتصادي الذي تقوم عليه الخدمات الجماعية عبر الإنترنت آخذ في التغير، وأن الذكاء الاصطناعي يتطلب مستوى جديدا متزايدا من كثافة رأس المال. مصدر قلق آخر هو أنه سيكون من الصعب معرفة إذا ما كانت شركات التكنولوجيا ستحقق عوائد لائقة من هذا التغيير التدريجي في الإنفاق على الذكاء الاصطناعي. تدعي الشركات أنها ستعزز جودة خدماتها الرقمية، وتزيد من مشاركة المستخدمين وتعزز كفاءة الإعلانات، وهذه أشياء يصعب الحكم عليها من الخارج.
لقد وعدت كل من ألفابت وميتا بصقل تركيزهما على قياس نتائج البنية التحتية الجديدة للذكاء الاصطناعي وتعديل إنفاقهما بناء على فعالية هذه التكنولوجيا. قد يعطي ذلك بعض الراحة للمستثمرين بعد ضربة الأسبوع الماضي. لكنه كان أيضا تحذيرا: من المرجح أن تظل بعض التكاليف مرتفعة بعناد، حتى لو تعرضت إيرادات شركات التكنولوجيا الكبرى لضغوط أكبر في فترة الانكماش الاقتصادي.