الصحيفة الإخبارية – Corporate Communications
اقتصادية ثقافية-
التصنيفات
محللون: لا تغيير في سياسة إنتاج “أوبك+” خلال يوليو
تترقب أسواق النفط العالمية نتائج اجتماع تحالف “أوبك+”، المقرر عقده الخميس الثاني من يونيو (حزيران) الجاري، الذي يأتي في أعقاب قرار دول الاتحاد الأوروبي الـ27 بوقف القسم الأكبر من صادراتها من النفط الروسي، في خطوة أثارت المخاوف من زيادة اضطرابات السوق بسبب الإمدادات.
وجرى تداول خام “برنت” فوق 120 دولاراً للبرميل، وهو المستوى الأعلى منذ شهرين على خلفية استمرار الإشارات إلى شح مخزونات الوقود وبدء ذروة الطلب مع بدء موسم القيادة الصيفي في الولايات المتحدة وأوروبا، وتخفيف بعض القيود المفروضة في الصين، المستورد الأكبر للخام في العالم، لاحتواء فيروس كورونا.
وتوقع محللون نفطيون في تصريحات لـ “اندبندنت عربية”، التزام التحالف اتفاق إنتاج النفط الذي أقره العام الماضي مع زيادة متواضعة في يوليو (تموز) المقبل بواقع 432 ألف برميل يومياً، فيما يمثل رفضاً للدعوات الغربية لزيادات أسرع في الإنتاج بهدف كبح الأسعار المرتفعة.
وأشار المحللون إلى أن المخاطر الجيوسياسية ما زالت تفرض سطوتها على واقع سوق النفط، مستبعدين أن تؤثر المعطيات الجديدة على سياسة التحالف التي لم تتغير منذ ربيع 2021.
ومن المقرر عقد الاجتماع الوزاري الجديد الـ29 للتحالف، الذي يضم الأعضاء الـ13 في منظمة الدول المصدرة للنفط “أوبك”، بقيادة السعودية، والدول العشر المتحالفة معها، ومن بينها روسيا، افتراضياً عبر تقنية “الفيديو كونفرانس” الخميس في فيينا مقر التكتل، لتحديد حصص الإنتاج لشهر يوليو.
وبموجب اتفاق تم التوصل إليه في يوليو 2021، من المقرر أن يزيد التحالف إنتاج النفط بواقع 432 ألف برميل يومياً كل شهر حتى نهاية سبتمبر (أيلول)، لتنهي بذلك تدريجاً كل كمية خفض الإنتاج.
وفي مايو (أيار) الماضي، وافق التحالف الذي تقوده السعودية وروسيا، على المضي قدماً في الزيادة المقررة للإنتاج في مايو.
وتعمل “أوبك+” على إلغاء تخفيضات الإنتاج القياسية المطبقة منذ انتشار جائحة كورونا في عام 2020، لكن كبار المستهلكين يضغطون عليها لزيادة الإنتاج بوتيرة أسرع، خصوصاً أن العقوبات الغربية أضرت بالإنتاج الروسي.
ضغوط كبار المستهلكين
وتضغط دول مستهلكة كبرى بقيادة الولايات المتحدة على التحالف لتعزيز الإنتاج بوتيرة أسرع، خصوصاً مع فرض عقوبات غربية على الإنتاج الروسي. لكن “أوبك+”، التي تنتج أكثر من 40 في المئة من المعروض العالمي، تصر على الإنتاج وفقاً للمستهدف المتفق عليه لديها، وهو توجه من المرجح أن يستمر.
وطلبت الدول الغربية، التي تواجه معدلات تضخم قياسية تهدد النمو الاقتصادي، من المنظمة مراراً تسريع زيادات إنتاجها، لكن أعضاء المنظمة رفضوا دعوات لفتح الصنابير، مؤكدين أن سوق النفط متوازنة وأن الزيادات الأخيرة في الأسعار لا تتعلق بالعوامل الأساسية.
وفي الوقت نفسه، دعا وزراء الطاقة في مجموعة السبع منظمة الدول المنتجة للنفط “أوبك” إلى ضخ مزيد من الإمدادات في الوقت الذي تشهد فيه أسعار الخام أعلى مستوياتها منذ عقد.
وجاءت هذه الدعوة في البيان الختامي لاجتماع وزراء الطاقة والبيئة في مجموعة السبع في ألمانيا، التي تتولى الرئاسة الدورية لمجموعة الاقتصادات الصناعية المتقدمة
وقال الوزراء “ندعو الدول المنتجة للنفط والغاز إلى التصرف بطريقة مسؤولة والاستجابة لتشديد الأسواق الدولية”، مشيرين إلى أن لـ”أوبك دوراً رئيساً تلعبه”.
ومن المنتظر وقف تخفيضات الإنتاج بالكامل بحلول نهاية سبتمبر المقبل، لكن إنتاج التكتل النفطي ظل يتراجع بشدة بسبب العقوبات وعزوف المشترين، وهو ما أثر سلباً في الإنتاج الروسي، فضلاً عن ضخ نيجيريا وأنغولا أحجام نفط أقل من المستهدف.
وأظهرت بيانات داخلية أن “أوبك+” أنتجت 2.6 مليون برميل يومياً من النفط، أقل من المستهدف في أبريل (نيسان) الماضي.
وشهدت أسعار النفط جلسة متقلبة في نهاية تعاملات الثلاثاء، إذ تحول الخام الأميركي للهبوط، في حين ارتفع خام “برنت” قرب 123 دولاراً، بعدما وافق الاتحاد الأوروبي على خفض واردات النفط من روسيا.
صعود شهري متواصل
وسجل خام “برنت” المستوى الأعلى منذ أوائل مارس (آذار) الماضي، محققاً صعوداً للشهر السادس على التوالي خلال مايو، بارتفاع أكثر من 14.6 في المئة، في أطول سلسلة مكاسب شهرية متتالية في أكثر من 11 عاماً وتحديداً منذ أبريل 2011.
فيما وصلت مكاسب هذا العام إلى نحو 51 في المئة لبرنت، و53 في المئة للخام الأميركي، ويعتقد عديد من المحللين أن التوقعات الفورية لا تزال صعودية، ولا تزال الأسواق النفطية أيضاً في حالة تخلف، مع تداول الأسعار على المدى القريب فوق الأسعار الأطول أجلاً.
ورفعت روسيا مبيعات النفط بشدة إلى الصين والهند، مع زيادة التعقيدات المرتبطة بالمبيعات لمشترين أوروبيين.
تعليق مشاركة موسكو في اتفاق إنتاج النفط
وقال مندوبون في منظمة البلدان المصدرة للبترول “أوبك”، إن بعض أعضاء المنظمة يدرسون فكرة تعليق مشاركة روسيا في اتفاق لإنتاج النفط في ظل تقويض قدرة موسكو على ضخ مزيد من الخام بسبب العقوبات الغربية والحظر الأوروبي الجزئي، بحسب ما ذكرته صحيفة “وول ستريت جورنال”.
وبحسب الصحيفة، قد يمهد إعفاء روسيا من أهداف إنتاج النفط الطريق أمام السعودية والإمارات والمنتجين الآخرين في “أوبك” لضخ مزيد من الخام بشكل كبير، وهو الأمر الذي ضغطت الولايات المتحدة والدول الأوروبية من أجله لكبح جماح الأسعار.
كان تقرير قد أظهر في وقت سابق أن إنتاج النفط الخام الروسي تراجع بنحو 9 في المئة خلال شهر أبريل الماضي، ليصل إلى 9.16 مليون برميل يومياً، وذلك استناداً إلى تقييمات مصادر ثانوية من تحالف “أوبك+”.
ويعني ذلك أن إنتاج روسيا في أبريل جاء أقل بنحو 1.28 مليون برميل يومياً عن المستوى المستهدف في اتفاق “أوبك+”، فيما تشير التوقعات إلى أن شهر مايو قد يظهر مزيداً من التراجع بإنتاج النفط بسبب العقوبات التي تحول دون وصول النفط بسهولة للدول الغربية.
ودعا المستهلكون الدوليون الرياض وشركاءها إلى سد الفجوة التي خلفتها مقاطعة الخام الروسي والمساعدة في تخفيف آلام التضخم الناجمة عن تجاوز الأسعار 110 دولارات للبرميل.
حظر جزئي للنفط الروسي
وبعد أسابيع من المفاوضات، أعطى زعماء الاتحاد الأوروبي الذين عقدوا قمة في بروكسل، موافقتهم على وقف واردات النفط الروسي التي تنقل بالسفن تدريجاً، أي ثلثا المشتريات الأوروبية بحلول نهاية 2022.
ويعد هذا الحظر جزءاً من حزمة من العقوبات الأوروبية السادسة على روسيا منذ هجومها على أوكرانيا في24 فبراير (شباط) الماضي، في ما يعد أشد عقوبة حتى الآن يفرضها الاتحاد الأوروبي على موسكو.
وتعفى من الحظر واردات النفط عبر خطوط أنابيب من روسيا كامتياز للمجر.
أساسيات السوق
توقع المتخصص في الشؤون النفطية، كامل الحرمي، أن تمضي “أوبك” وحلفاؤها على الأرجح بالاتفاق الحالي، بإضافة 432 ألف برميل يومياً من النفط إلى السوق لشهر يوليو، وهذا واضح من سياسة التحالف، خصوصاً في الفترة الماضية، التي تركز على أساسيات السوق النفطية والحفاظ على توازن العرض والطلب، مشيراً إلى أن آثار العوامل الجيوسياسية والقضايا المتعلقة بالوباء ستظل مسيطرة على نقاشات الأعضاء.
وتابع الحرمي “اجتماع بعد آخر، يثبت تحالف أوبك+ بقيادة السعودية وروسيا، أنه المؤثر الأكبر في أسواق النفط، ويزداد دوره في دعم استقرار السوق”.
وأضاف أن أساسيات أسواق النفط الحالية لا تزال تحت تأثير وضع إنتاج النفط الروسي بعد حظره جزئياً من قبل الاتحاد الأوروبي، منوهاً بأن التحالف كان قد قرر في وقت سابق استمرار استراتيجيته المتمثلة في زيادة حذرة لإنتاج النفط، غير مكترث بخطط الاتحاد الأوروبي لفرض هذا الحظر.
سد الفجوة الروسية
ويشكك الحرمي في قدرة أعضاء “أوبك” على تعويض الخفض المقترح في إنتاج الخام الروسي وضخ كميات الخام المتفق عليها، لأن معظم الأعضاء يكافحون مع قيود القدرات، موضحاً أن السوق تضيق من دون أي عقوبات جديدة من الاتحاد الأوروبي قبل موسم القيادة الصيفي في الولايات المتحدة، مع تخفيف قيود السفر والتنقل في معظم دول العالم بعد تراجع الإصابات بكورونا، الأمر الذي سيعزز الطلب بشكل أكبر.
وأضاف أن هناك حالة من التفاؤل الحذر بشأن نمو الطلب في الصين وهي المستورد الأكبر للنفط في العالم والمستهلك الثاني له، بعد تخفيف قيود الإغلاق في كبرى المدن الصينية اعتباراً من مطلع يونيو.
لا تغييرات مفاجئة
من جهته، قال الرئيس التنفيذي لمركز “كوروم للدراسات الاستراتيجية” في لندن طارق الرفاعي، أن تظل سياسة الإنتاج الحالية لتحالف “أوبك+” كما هي دون تغيير في اجتماعه المقبل مع الالتزام باتفاقه القائم لزيادة إنتاج النفط في يوليو بنحو المعدل للشهر السابق عليه، مؤكداً أن لا سيناريوهات أخرى محتملة ولا تغييرات مفاجئة.
وتابع “عادة لا تتبع (أوبك+) أسلوب المفاجأة في قرارتها، إذ سيكون هناك تمهيد مسبق من خلال تصريحات وزراء المنظمة بشأن الأهداف المستقبلية للإنتاج وخطط الاجتماعات المقبلة”.
وأشار الرفاعي إلى أن الحظر الأوروبي للنفط الروسي يمكن أن يلعب دوراً أساسياً في زيادة أسعار النفط التي تتداول حالياً عند أعلى إغلاق منذ شهرين فوق مستوى 120 دولاراً.
المعطيات لم تتغير
ويرى المحلل النفطي الكويتي خالد بودي، أن المعطيات على الساحة النفطية لم تتغير منذ الاجتماع الأخير لتحالف “أوبك+”، فالحرب في أوكرانيا والأوضاع الجيوسياسية المتوترة ما زالت مستمرة، وسط حالة من الضبابية تسيطر على الاقتصاد العالمي الذي يواجه تضخماً هو الأكبر بحسب الخبراء منذ 40 عاماً.
وقال بودي “في ظل هذه الأوضاع قد يكون من الصعب على التحالف أن يغير من سياسات الإنتاج الحالية على الرغم من الضغوط التي يتعرض لها لزيادة الإنتاج، لذلك من المتوقع أن يستمر باعتماد زيادة محدودة في الإنتاج وذلك بحدود 432 برميلاً يومياً”.
وأضاف “قد تضطر أوبك وحلفاؤها إلى التخلي عن هذه الزيادة، إذا ما استمر التصاعد في أسعار النفط إلى مستويات قد تدفع إلى الركود في الاقتصاد العالمي، مما ينعكس في النهاية سلباً على الدول المنتجة للخام”.
أزمة نفطية كاملة
من جهته، حذر “بنك أوف أميركا كورب” من أن خسارة الصادرات الروسية في أعقاب الهجوم على أوكرانيا “يمكن أن تؤدي إلى أزمة نفطية كاملة على غرار أزمة الثمانينيات”.
وفي مذكرة بحثية قال البنك “مع اقتراب هدفنا لبرنت البالغ 120 دولاراً للبرميل، نعتقد أن الانكماش الحاد في صادرات النفط الروسية يُمكن أن يدفع برنت إلى ما يزيد على 150 دولاراً للبرميل”.
وتوقع “بنك أوف أميركا” أن يبلغ متوسط أسعار “برنت” 104.48 دولار للبرميل في عام 2022، و100 دولار للبرميل في عام 2023.