الصحيفة الإخبارية – Corporate Communications
اقتصادية ثقافية-
التصنيفات
هكذا يتأثر الاقتصاد العالمي عند تخلف أميركا عن سداد ديونها!
فيما تواجه الولايات المتحدة الأميركية خطر التخلف عن سداد ديونها حتى الخامس من شهر يونيو المقبل، يحبس العالم أنفاسه تحسباً لمواجهة أزمة عالمية جديدة، في وقت لا يزال يعاني من ارتدادات جائحة كورونا والأزمة الأوكرانية.
صحيح أنها ليست المرة الأولى التي يثير فيها ملف الديون الأميركية هذا الجدال بين البيت الأبيض والكونغرس، إلا أن حدة الخلافات تتصاعد هذا العام بينهما بشأن الحد الأقصى لسقف الدين، الذي تسعى إدارة الرئيس جو بايدن لرفعه، فيما يسعى الجمهوريون الذين يحظون بالأغلبية في مجلس النواب إلى ربط الموافقة على رفع سقف الديون بتخفيضات في الإنفاق الحكومي، الأمر الذي دفع وزارة الخزانة للبدء في استخدام إجراءات استثنائية لإدارة السيولة.
وحديثاً لم تتخلف الولايات المتحدة عن سداد ديونها نظراً لأنها كانت تلجأ الى رفع سقف الدين أو إلى تعليقه مع قيامها بدفع الفوائد على أذون وسندات الخزانة.
ويقصد بسقف الدين الحد الذي يفرضه الكونغرس الأميركي على مقدار الديون المسموح للحكومة بالحصول عليها لدفع فواتيرها، وفي حالة عدم رفع الكونغرس لسقف الدين أو تعليقه وأيضاً في حال عدم دفع الفائدة على أذون وسندات الخزانة فقد لا تستطيع الولايات المتحدة سداد ديونها ما يؤثر على الأسواق المالية وعلى الاقتصاد الأميركي والاقتصاد العالمي، وفقاً للخبير الاقتصادي الدكتور عبد الله الشناوي.
ووصلت الحكومة الأميركية إلى الحد الأقصى لسقف الاقتراض عند 31.4 تريليون دولار خلال شهر يناير الجاري تتوزع ما بين 24.5 تريليون دولار دين عام حكومي، و6.88 تريليون دولار ديون غير حكومية، وتالياً فإنه في حال أبقى الكونغرس سقف الدين كما هو ولم يرفعه فقد تكون الولايات المتحدة في خطر التخلف عن سداد الديون.
تداعيات الأزمة
ويشرح الخبير الاقتصادي الدكتور عبدالله الشناوي في حديثه لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” إمكانية تجنب الولايات المتحدة الأميركية التخلف عن سداد ديونها عن طريق زيادة حصيلة الإيرادات من خلال زيادة الضرائب فقط، أو من خلال تخفيض الإنفاق الحكومي فقط أو من خلال اتخذ الإجراءين معاً، منوهاً إلى أن الإجراءات التي يمكن للولايات المتحدة اتخاذها في هذا الصدد تتجلى في استخدام النقد المتداول أو إنفاق الإيرادات الواردة من الضرائب، واستخدام إجراءات غير عادية لتوفير الأموال عن طريق تعليق الاستثمارات الجديدة في صناديق التقاعد والإعانات الصحية.
ويرى البنك الدولي في دراسة أجراها أنه في حالة تجاوز نسبة الدين الى الناتج المحلي الإجمالي77 بالمئة لفترة طويلة من الزمن فسوف يؤدي ذلك الى تباطؤ النمو الاقتصادي وسيؤثر ذلك بشكل كبير على الاقتصاد الأميركي والشعب في الولايات المتحدة.
ولكن السؤال الأهم هنا .. كيف يتأثر الاقتصاد الأميركي والاقتصاد العالمي عموماً عند تخلف الولايات المتحدة الأميركية عن سداد ديونها؟
الدكتور الشناوي يجيب على هذا السؤال قائلاً: “إن مجرد إعلان الولايات المتحدة عن عدم قدرتها على سداد ديونها فإن ذلك ينذر بالفوضى داخل الأسواق المالية وخارجها، وهذا لا شك سيعيق قدرة الحكومة الأميركية على تمويل عملياتها بما فيها توفير عمليات الدفاع الوطني واستحقاقات الضمان الاجتماعي أو الرعاية الطبية، كما يمكن أن يؤدي التخلف عن سداد الديون إلى ارتفاع أسعار الفائدة ما يعني ارتفاع مستوى الأسعار والمساهمة في ارتفاع معدل التضخم”.
ويتابع الخبير الاقتصادي الدكتور الشناوي: “ومن التداعيات التي يمكن أن يشهدها العالم أيضاً معاناة سوق الأسهم من حالة عدم اليقين وبالتالي تصبح الاستثمارات الأميركية غير آمنة كما كان ينظر إليها من قبل، وتزداد حدة المعاناة حال تم تخفيض التصنيف الائتماني لها، إلى جانب حدوث تقلبات شديدة في سوق الأسهم تتمثل في تجميد أسواق الائتمان في جميع أنحاء العالم وانهيار أسواق الأسهم، بالإضافة إلى لجوء المستثمرين إلى بيع سندات الخزانة الأميركية ما يعني انخفاض قيمة الدولار، وهذا يجعل الديون المقومة بعملات دول أخرى أعلى تكلفة الأمر الذي قد يهدد الاقتصادات الناشئة بأزمات الديون”.
وهناك تداعيات أخرى لتخلف الولايات المتحدة عن سداد ديونها تتمثل في تحول أموال دافعي الضرائب في المستقبل بعيداً عن الاستثمارات الفيدرالية المطلوبة للبنية الأساسية والتعليم والرعاية الصحية، وارتفاع تكاليف الاقتراض للشركات وأصحاب المنازل نظرا لارتباط أسعار الفائدة – على الرهون العقارية وبطاقات الائتمان وقروض السيارات – بالتحركات في أسعار الفائدة على سندات الخزانة إذ سيطلب الأفراد أسعار فائدة أعلى عليها للتعويض عن المخاطر الإضافية، إلى جانب انخفاض ثقة المستهلك ما قد يدفع الاقتصاد إلى الركود، فضلاً عن توقع خسارة السوق الأميركي حوالي ثلاثة مليون وظيفة لنفس السبب، بحسب الدكتور الشناوي.
ويشير الخبير الاقتصادي الشناوي إلى أن الصين، التي يمتلك اقتصادها ما يقارب تريليون دولار أميركي من سندات الخزانة الأميركية عام 2022، قد لا تحصل على أي مدفوعات للفائدة على تلك الأوراق المالية، أو تفقد استثماراتها تماماً إذا تخلفت الولايات المتحدة عن سداد ديونها.
ومن جهته، قال الخبير الاقتصادي علي حمودي في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”: “يطفو على السطح بين الحين والآخر الجدال في الولايات المتحدة حول سقف الدين، لكن المخاطر هذه المرة تلوح في الأفق في حال لم ينه الكونغرس هذا الجدال مع الحكومة التي صرفت الأموال للحد الأقصى المصرح به، ويعمل على رفع سقف الدين من الآن ولغاية الخامس من يونيو المقبل”.
ويضيف حمودي: “في حال تخلفت الولايات المتحدة عن سداد ديونها، فسيكون ذلك سابقة تاريخية، ما سيؤدي إلى تخفيض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة، ما سيتسبب برفع أسعار الفائدة على نطاق واسع للعديد من القروض وخاصة الاستهلاكية وهو ما يجعل منتجات كثيرة مثل قروض السيارات الرهون العقارية أكثر تكلفة للأسر التي تخضع لتغيرات أسعار الفائدة”.
وبمجرد وصول الإنفاق الحكومي إلى حد الدين المسموح به، فإن وزارة الخزانة الأميركية لا تستطيع بيع المزيد من السندات والأوراق المالية الأخرى لسداد ديونها ما لم يوافق الكونغرس الأميركي، وفي حال عدم الموافقة فهذا يعني أن الكثير من الموظفين الحكوميين لن يحصلوا على رواتبهم وربما يفقدون أعمالهم، طبقاً للخبير حمودي.
ويشير حمودي إلى أن “تخلف الولايات المتحدة عن سداد ديونها سيؤثر عالمياً على الدولار، وهذا بدوره سيؤثر على الدول التي لديها مخزون احتياطي كبير من العملة الخضراء، فضلاً عن أن الدول التي تمتلك سندات أميركية سوف تتأثر بانخفاض أسعار هذه السندات”.