الصحيفة الإخبارية – Corporate Communications
اقتصادية ثقافية-
التصنيفات
هواوي” و”تيك توك” أول من يسدد فاتورة حرب التكنولوجيا بين واشنطن وبكين
على مدار السنوات الأربع الماضية، تواجه شركات التكنولوجيا الصينية حرباً شرسة في إطار الصراع التكنولوجي القائم بين واشنطن وبكين.
ومع التحول الرقمي و”إنترنت الأشياء” أصبح من يتحكم في تقنيات الجيل الخامس يحكم العالم، ومن هنا بدأ الصراع الأميركي الصيني.
واشتعل الخلاف التجاري بين الولايات المتحدة والصين خلال فترة الرئيس السابق دونالد ترمب وبدأ الطرفان يتبادلان العقوبات، وكانت “هواوي” أول شركة صينية مستهدفة في مرمى العقوبات الأميركية.
وأعلنت شركة الاتصالات الصينية العملاقة “هواوي” عن تراجع إيراداتها بنسبة ستة في المئة خلال الأشهر الستة الأولى من السنة الحالية، بالمقارنة مع الفترة ذاتها من العام الماضي، على الرغم من تنويع نشاطات المجموعة الخاضعة لعقوبات أميركية.
وتجد “هواوي”، ومقرها شنجن في جنوب الصين، نفسها وسط خصومة تكنولوجية حادة بين بكين وواشنطن التي تتهم الشركة بالتجسس لصالح الصين.
وكانت إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب قد أدرجت “هواوي” على القائمة السوداء ومنعت الشركات الأميركية من بيعها تكنولوجيات حساسة، لا سيما المعالجات الدقيقة، وواصلت إدارة الرئيس جو بايدن السياسة ذاتها حيال الشركات من دون تغييرها.
ووفق بيان، أكد رئيس “هواوي” كين هو، أن وباء كورونا والأوضاع العالمية “أضرا بشكل كبير” بأنشطة المجموعة، وأعلنت الشركة، الجمعة، عن إيرادات قدرها 43.4 مليار يورو خلال النصف الأول من العام بانخفاض قدره 5.9 في المئة بمعدل سنوي، وبلغ هامش الربح الذي يشير إلى المردودية خمسة في المئة وفق بيان الشركة بالمقارنة مع 9.8 في المئة قبل عام.
وتسببت عقوبات أميركية أعلن عنها عام 2018 في حرمان الشركة من سلاسل الإمداد العالمية بالمكونات، ما أثر في قسم تصنيع الهواتف الذكية.
ولم تقدم الشركة الصينية أرقاماً حول عدد الهواتف الذكية التي باعتها، فيما تسعى الولايات المتحدة لإقناع حلفائها باستبعاد المجموعة المتخصصة من مشاريع شبكات اتصالات الجيل الخامس “G5″، محذرة بأن بكين قد تستخدم منشآت “هواوي” لمراقبة الاتصالات وتدفق المعلومات في بلد ما وهو ما تنفيه الشركة.
تشريعات أميركية تطاول “تيك توك”
في الوقت نفسه، وبعد عامين من إعلان الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب أنه سيحظر تطبيق “تيك توك” في الولايات المتحدة من خلال أمر تنفيذي، أصبحت منصة الفيديوهات القصيرة قيد الفحص مرة أخرى في واشنطن، وتبقى القضية الأساسية كما هي إلى حد كبير، علاقات التطبيق بالصين من خلال شركتها الأم “بايت دانس”.
ويطالب عدد متزايد من المشرعين الأميركيين إدارة الرئيس جو بايدن باتخاذ إجراءات ضد تطبيق “تيك توك” مستشهدين بمخاوف واضحة تتعلق بالأمن القومي وخصوصية البيانات.
وينبع الانتقاد من تقرير “بوز فييد نيوز” الصادر في يونيو (حزيران) الماضي، الذي قال إن بعض بيانات المستخدم الأميركي تم الوصول إليها مراراً وتكراراً من الصين.
وأشار التقرير إلى تسجيلات صوتية مسربة لعشرات الاجتماعات الداخلية في “تيك توك”، بما في ذلك أحد موظفي الشركة الذي زعم أنه قال، “شوهد كل شيء في الصين”.
ورداً على التقرير، قالت “تيك توك” إنها “أكدت باستمرار أنه يمكن منح مهندسينا في مواقع خارج الولايات المتحدة بما في ذلك الصين إمكانية الوصول إلى بيانات المستخدم الأميركية على أساس الحاجة بموجب تلك الضوابط الصارمة”.
وشهد مسؤول تنفيذي في “تيك توك” أمام لجنة في مجلس الشيوخ خلال العام الماضي بأنه لا يشارك المعلومات مع الحكومة الصينية، وأن فريقاً أمنياً مقره الولايات المتحدة يقرر من يمكنه الوصول إلى بيانات المستخدم الأميركية من الصين.
يأتي الضغط المتجدد على “تيك توك” مع استمرار تأثير المنصة في النمو داخل الولايات المتحدة.
وبعد مغادرة ترمب لمنصبه ألغت إدارة بايدن الأمر التنفيذي وتراجعت إلى حد كبير عن المحاولات الرسمية لحظر التطبيق.
وخلال العام الماضي قالت “تيك توك” إنها تجاوزت مليار مستخدم نشط شهرياً على مستوى العالم، ويقال إن أكثر من 100 مليون مستخدم في الولايات المتحدة، وفقاً لبعض تقديرات أبحاث السوق.
ويستمر النشاط على التطبيق في تشكيل دورة الأخبار والموسيقى الشعبية واتجاهات الطهي وغيرها في البلاد.
وفي الوقت نفسه، يواصل عمالقة وسائل التواصل الاجتماعي في الولايات المتحدة تقليد ميزات التطبيق في محاولة للتنافس.
بعض المحللين انتقدوا في وقت سابق حملة ترمب ضد تطبيق الفيديو سريع النمو باعتباره مسرحاً سياسياً متجذراً في كراهية الأجانب، واستنكروا اقتراحه الغريب بأن الولايات المتحدة يجب أن تحصل على “قطع” من أي صفقة إذا فرضت بيع التطبيق إلى شركة أميركية.
لكن الجولة الأخيرة من الضغط من المشرعين على جانبي الممر تظهر كيف أن قضية الأمن القومي لا تزال تعصف بالتطبيق الصيني في الولايات المتحدة، حتى في ظل الإدارة الأميركية الجديدة.
إزالة “تيك توك”
خلال الأيام الماضية، دعا عدد من المشرعين والمسؤولين الأميركيين إلى إجراء تحقيقات جديدة في ممارسات تخزين بيانات “تيك توك” أو حتى إزالة التطبيق من متاجر التطبيقات الأميركية.
وأرسل ائتلاف من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين بقيادة توم كوتون من أركنساس رسالة في يونيو (حزيران) الماضي إلى وزيرة الخزانة جانيت يلين، يدعو فيها إلى الحصول على إجابات حول الإجراءات التي تتخذها إدارة بايدن لمكافحة “مخاطر الأمن القومي والخصوصية التي يشكلها تطبيق “تيك توك”.
وأرسلت مجموعة منفصلة من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين بقيادة مارشا بلاكبيرن من تينيسي أيضاً رسالة أسئلة إلى الرئيس التنفيذي لشركة “تيك توك”، شو زي تشيو.
وقال أعضاء مجلس الشيوخ إن التقارير الإعلامية الأخيرة “تؤكد ما شكك المشرعون منذ فترة طويلة في تيك توك وشركتها الأم وأنهم يستخدمون وصولهم إلى كنز دفين من بيانات المستهلكين لمراقبة المستخدمين الأميركيين”.
في غضون ذلك، حثت مجموعة من أعضاء الكونغرس في لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ لجنة التجارة الفيدرالية على التحقيق رسمياً في كل الاتهامات المنسوبة للتطبيق الصيني والشركة الأم.
وجاء في الرسالة الموقعة من مارك وورنر من فيرجينيا وماركو روبيو من فلوريدا، “في ضوء التحريفات المتكررة من قبل تيك توك في ما يتعلق بأمن البيانات ومعالجة البيانات وممارسات حوكمة الشركات، فإننا نحثك على التصرف على الفور في هذا الشأن”.
وفي رسالة أخرى، حث أحد أعضاء لجنة الاتصالات الفيدرالية شركات “آبل” و”غوغل” على إزالة تطبيق “تيك توك” من متاجر التطبيقات الخاصة بهم.
وادعى مفوض لجنة الاتصالات الفيدرالية بريندان كار، أن “بايت دانس كانت مدينة بالفضل للحكومة الصينية ومطالبة بموجب القانون بالامتثال لمطالب المراقبة الحكومية الصينية”. وتم الإبلاغ عن الرسالة على نطاق واسع.
في رسالة رد على بلاكبيرن وآخرين قال تطبيق “تيك توك”، “لم نوفر بيانات المستخدم الأميركية إلى الحزب الشيوعي الصيني، ولن نتمكن من ذلك إذا طلب منا ذلك”.
كيف تفاعلت “تيك توك” مع الاتهامات؟
وسط الضجة الأخيرة، أعلنت “تيك توك” أنها نقلت بيانات المستخدم في الولايات المتحدة إلى النظام الأساسي السحابي لشركة “أوراكل” بحيث يتم الآن استضافة 100 في المئة من حركة مرور المستخدمين في الولايات المتحدة” بواسطة مزود السحابة، مما قد يعالج مخاوف الأمن القومي.
في رسالته إلى المشرعين، التي أشارت إلى التحول لـ”أوراكل”، قال رئيس “تيك توك” إن الهدف الأوسع لجهود أمن بيانات الشركة هو بناء الثقة و”إحراز تقدم جوهري نحو الامتثال لاتفاقية نهائية مع حكومة الولايات المتحدة من شأنها حماية بيانات المستخدم بشكل كامل ومصالح الأمن القومي الأميركي”.
ولم يذكر تشيو أي مجموعات محددة داخل الحكومة الأميركية، لكن لجنة الاستثمار الأجنبي بالولايات المتحدة تحقق في الاتهامات المنسوبة للتطبيق الصيني منذ عام 2019. ومع ذلك لم تقدم الهيئة الحكومية أي تحديثات جديدة بشأن تحقيقها.
ونقلاً عن مصادر مطلعة، ذكرت وكالة “رويترز” أخيراً أن جهات تحقيق أميركية كانت في مناقشات مكثفة مع “تيك توك” حول قضايا أمنية.
وأخيراً تعهدت “تيك توك” بتقديم مزيد من الشفافية للباحثين حول النشاط على النظام الأساسي، بما في ذلك الوصول لمجموعة محددة إلى واجهة برمجة التطبيقات الخاصة بها، أو واجهة برمجة التطبيقات.
وقالت كبيرة مسؤولي التشغيل في التطبيق الصيني فانيسا باباس، في منشور بالمدونة للإعلان عن التحديث المخطط، “نحن نعلم أن مجرد قول ثق بنا لا يكفي، لهذا السبب تعهدنا منذ فترة طويلة بالتزام مهم بالشفافية، لا سيما عندما يتعلق الأمر بكيفية تنسيق المحتوى والتوصية به”.